سياسة

ايطاليا تفتح خط تمويل مباشرة لتونس


 أعلنت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني التي أدت زيارة إلى تونس عن فتح خط تمويلات لمعاضدة جهود السلطات التونسية في مجابهة الأزمة الاقتصادية. مشددة على أن روما تدفع في اتجاه التوصل إلى اتفاق بين الحكومة التونسية وصندوق النقد الدولي يأخذ بعين الاعتبار الواقع الاقتصادي والاجتماعي.

وأكدت ميلوني في تصريح عقب لقائها مع الرئيس التونسي قيس سعيد نشرته رئاسة الجمهورية على صفحتها الرسمية بموقع فيسبوك أنها “أثارت قضية الهجرة غير القانونية في اللقاء الذي جمع الدول السبع الكبار في هيروشيما (اليابان) االشهر الماضي. وكذلك في اجتماعات الاتحاد الاوروبي ببروكسل”. مشددة “على ضرورة أن تكون المقاربة برغماتية وواقعية حتى تتمكن تونس من الحصول على فرص تمويل من الاتحاد الأوروبي”، كاشفة أنه “بصدد ال‘عداد لها في الوقت الحالي”

وأعلنت أنه سيتم ضخ 700 مليون يورو لتونس لدعم  عدد من القطاعات الحياتية مثل الصحة والخدمات، في كنف الاحترام الكامل للسيادة التونسية. مؤكدة “حرص بلادها على الدفع دائما في اتجاه نمو تونس وتطورها واستقرارها في كنف الديمقراطية وإيجاد حلول واقعية. عبر خلق فرص العمل من أجل إرساء مستوى عيش يليق بالتونسيين”.

وأعربت عن تقدير إيطاليا للجهود التي تبذلها تونس بهدف مواجهة ظاهرة الهجرة غير النظامية. معلنة عن عقد مؤتمر دولي قريبا بروما لمعالجة هذه الظاهرة من خلال إقرار مقاربة غير تقليدية. مؤكدة أن هذا المؤتمر سيشكل فرصة لتقريب وجهات النظر بين تونس وصندوق النقد الدولي. 

بدوره أكد الرئيس التونسي أن “ظاهرة الهجرة غير الشرعية التي تتفاقم يوما بعد يوم لا يمكن مقاربتها إلا بصفة جماعية”. داعيا إلى حل مشترك في إطار قمة تضمّ كل الدول المعنية سواء جنوب البحر الأبيض المتوسط وجنوب الصحراء أو شمال المتوسط، وفق بيان نشرته الرئاسة التونسية

وأكد أن “كل الطرق لم تعد تؤدي إلى روما فقط. بل صارت أيضا تؤدي إلى تونس وهي ظاهرة غير طبيعية لا بالنسبة إلى تونس ولا بالنسبة إلى الدول التي يتدفق إليها هؤلاء المهاجرون”.

 وأشار إلى”وجود شبكات إجرامية تتاجر بالبشر وبالأعضاء سواء في الدول الإفريقية أو في دول شمال المتوسط”. داعيا إلى العمل سويا من أجل القضاء على التنظيمات التي تعتبر هؤلاء المهاجرين بضاعة تتقاذفها الأمواج في البحر أو رمال الصحاري. قبل أن يصلوا إلى المناطق التي يريدون الاستقرار بها.

وشدّد رئيس الجمهورية على أن الحل لا يمكن أن يكون أمنيا لأن الأمن موكول له محاربة الجرائم بكل أنواعها. ولكنه ليس الأداة للقضاء على البؤس والفاقة والحرمان. مجدّدا “التأكيد على ضرورة معالجة الأسباب بصفة جماعية لزرع الأمل في نفوس المهاجرين حتى لا يغادروا أوطانهم. وذلك بعمل اقتصادي واجتماعي مكثف يقضي على اليأس ويزرع مكانه الأمل”.

وجدد سعيد رفضه لأي إملاءات، مشيرا إلى أن “الذين يقدمون الوصفات الجاهزة أشبه بالطبيب الذي يكتب وصفة دواء قبل أن يُشخّص المرض. فالمرض في الطبيب الذي يقدّم أدوية لا تُرجى منها عافية ولا يتحقق بواسطتها شفاء بل على العكس تماما ستتفجر الأوضاع. التي لن تمس بالسلم الأهلية في تونس فحسب بل ستطال آثارها المنطقة كلها دون استثناء”.

وأعلن وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني ساعات قبل وصول ميلوني إلى تونس إنه “سيتحدث مع وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن ومديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا حول استقرار تونس خلال زيارته لواشنطن. التي ستبدأ  الأحد المقبل”، وفق وكالة “اكي” الإيطالية.

وتابع أن موقف بلاده بخصوص الأزمة التونسية واضح. مشددا على أن روما ترى أنه “من المفيد مساعدة تونس على تجنب أي أزمة مالية”. مشيرا إلى أنه “يتعين على صندوق النقد الدولي أن يبدأ في صرف أموال للسلطات التونسية”.

ايطاليا تفتح خط تمويل مباشرة لتونس لكبح تدفق المهاجرين | MEO

وتحدث عما أسماه “وجود أدلة على التزام قوي من جانب تونس بوقف تدفقات الهجرة غير النظامية وأسواق التهريب البشرية”، مستدركا “هذه حقيقة إيجابية. لكن ينبغي علينا أن نجد حلا مستداما في كل من تونس وليبيا”.

وقبل وصول ميلوني إلى تونس كان لوزير الخارجية التونسي نبيل عمار اتصال هاتفي مع نظيره الإيطالي. الذي أكد له أنه سيحمل خلال زيارته إلى واشنطن رسالة مفادها “ضرورة التزام واضح من المجتمع الدولي بدعم تونس مع الاحترام الكامل لسيادتها وملاءمة الإصلاحات الهيكلية للاحتياجات الاجتماعية للتونسيين”.

وتحشد روما منذ مدة دوليا لدعم تونس مدفوعة بهاجس طوفان من المهاجرين انطلاقا من سواحلها. بينما تعثّرت مفاوضات الحكومة التونسية مع صندوق النقد الدولي حول برنامج تمويلي بـ1.9 مليار دولار وانضمت إليها فرنسا. مؤخرا بعرضها مساعدة مالية مقابل الشروع الفوري في الإصلاحات التي يشترطها الصندق.

وجدد الرئيس التونسي في آخر اتصال هاتفي جمعه نهاية الأسبوع الماضي بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون رفضه القاطع لرفع الدعم. الذي يتصدّر شروط صندوق النقد الدولي. مؤكدا أن السلم الأهلي لا يقدر بثمن.

وترى روما أن التخلّف عن دعم تونس سيضعف جهودها في مكافحة الهجرة غير الشرعية. في وقت تتسارع فيه وتيرة تدفق المهاجرين انطلاقا من سواحلها.

وتشير بيانات وزارة الداخلية الإيطالية إلى وصول أكثر من 42 ألف شخص إلى إيطاليا. هذا العام عبر البحر المتوسط، مقابل نحو 11 ألفا خلال الفترة نفسها من العام 2022.

وأعلن الحرس الوطني التونسي في آخر إحصائياته أنه أنقذ أو اعترض خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي أكثر من 14 ألف مهاجر معظمهم من أفريقيا جنوب الصحراء. أي ما يفوق خمسة أضعاف العدد المسجل في الفترة نفسها من عام 2022.

احتجاجات الشعب

ونظم عدد من النشطاء التونسيين وقفة احتجاجية أمام المسرح البلدي بالعاصمة تونس نددوا خلالها بزيارة ميلوني إلى تونس. رافضين ما اعتبروه “مساعي روما لتحويل تونس إلى حارس حدود”.

وقال رمضان بن عمر المتحدث باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية في تصريح لإذاعة “موزاييك” المحلية إن “زيارة رئيسة الوزراء الإيطالية إلى تونس. ستؤدي إلى تسليط مزيد الضغط الأوروبي على الدولة حتى تلعب دور حارس للسواحل”.

وكان وزير الخارجية التونسي نبيل عمار واضحا عقب لقائه نظيرته الفرنسية كاترين كولونا الأسبوع الماضي. بتأكيده على موقف تونس التي ترفض أن تتحوّل إلى حارس لأوروبا في البحر الأبيض المتوسّط.

وشدد عمّار على أن حل قضية الهجرة غير القانونية لا يتمّ إلا في إطار نظرة شاملة وعبر التطرق إلى جميع النقاط المتعلقة بها. مذكّرا بمقترح الرئيس التونسي بعقد قمة تشارك فيها كل الدول المعنية بالظاهرة لبحث سبل تطويقها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى